فيروس كورونا: عالم بيانات مصرى يتحدث عن مفهوم الموجة الثانية من كوفيد-19 .
فى سلسلة تغريدات جديدة لعالم البيانات المصرى أحمد محرم حول الموجة الثانية من جائحة كورونا قال فيهافي حديثي سابقاً عن الموجة الثانية لجائحة كورونا كنت قد أشرت إلى شعوري بكثير من الخلط في مفهوم الموجة الثانية ومتى نصف أي تغير في الأعداد بأنه موجة ثانية، ولهذا رأيت أن أشرح هذا الأمر في سلسلة خاصة سأحاول أن أجعلها قصيرة قدر الإمكان

قبل كل شيء يجب أن نتفق على النظر للمنحنى الصحيح. فهناك عادة منحنيان يتم عرضهما على الإنترنت لكل دولة. وقد ترى بعض المقالات تستخدم أحدهما بينما مقالات وأبحاث أخرى تستخدم الآخر. المنحنى الأول هو منحنى إجمالي أعداد المصابين. وهو منحنى تراكمي، يزيد ولا ينقص .
فهو يجمع المصابين اليوم على كل المصابين حتى أمس. وبالتالي فإذا رأيناه مثلاً ينخفض في يوم من الأيام فهذا خطأ في شيء ما. هذا المنحنى هو ما يتحدثون عنه في وصف (تسطيح المنحنى) فحينما يستقر المنحنى عند مستوى معين يظهر له سطح أفقي، وهذا يعني أن الإضافات اليومية تكاد تكون صفر .
أما المنحنى الآخر (والذي نهتم به في هذه السلسلة) فهو منحنى الأعداد اليومية وهو يزيد وينقص. هذا المنحنى يمنحنا رؤية للفرق بين الزيادات اليومية للأعداد بشكل أوضح. كما يهبط حين تنتهي الموجة ليكاد يصل إلى صفر. فيكون ذلك واضحاً. وشكل المنحيين مثلاً للسعودية كما يلي:


طبعاً لا أقلل هنا من شأن المنحنى الأول، ولكن المنحنى الثاني هو الأنسب لما نتحدث عنه الآن، لأنه يظهر الموجة بشكل أقرب للفهم. في المنحنى اليومي بالسعودية كان من الواضح أن الموجة الأولى في طريقها للانتهاء منذ فترة. والرسم التالي يوضح ذلك:
ولأن الموجة الأولى بطبيعتها تبدأ من عدد قليل من الأشخاص (المصابين الأوائل) فإن إتجاه المنحنى (أو الميل) الخاص بالتصاعد في البداية لا يكون حاداً (كما نرى في الخط المنقط الأصفر يساراً) وكما نرى فإن التطور المتوقع كان الهبوط كما يتضح من الخط الأصفر المتقطع في المنتصف .
لكن حين تحرك الناس عاودت العدوى الانتشار. ولأن عدد المسببين لها أكبر من عدد من تسببوا في بداية الموجة فإن إتجاه المنحنى كان أعنف (الميل كان أكثر كما في الخط الأحمر) وبالرغم من أن التصاعد في الأعداد بميل أكبر هي صفة من صفات الموجة الثانية، إلا أن هناك صفة أخرى ضرورية ..
الصفة الأخرى هي انخفاض الأعداد الجديدة اليومية جداً بحيث تكون مجرد نسبة ضئيلة من القيم العظمى على أن يكون هذا الانخفاض الشديد مستمراً لفترة لا تقل عن فترة الحضانة، وعلى أن تستمر الزيادات بشكل مطَّرد لعدة أيام لكي نستطيع الاطمئنان إلى أنها ليست مجرد بؤرة صغيرة مثلاً .
يجب أن نتفق على أنه لا توجد موجة ثانية بدون موجه أولى منتهية ولنفهم ذلك وكي نزيل الخلط القائم، يجب أن نفهم أن الفيروس ليس قائداً عسكرياً سيقوم بعمل هجمة جديدة على البشر الفيروس ليس له اختيار أن يصيب أو لا يصيب. الفيروس موجود الآن حولنا شئنا أم أبينا ولكنه مثل حرائق الغابات .
حين تبدأ الحرائق بالغابات يكون هناك سبب، مثلاً مجموعة من الشباب قرروا التخييم وأشعلوا ناراً ثم لم يطفئوها بالشكل اللازم. لن يبدأ الحريق بدون سبب ولن يستمر وينتشر دون عوامل أساسية (مثلث الحرائق)، ثم لا يعاود الظهور إلا بطريقة محدده (إذا كان امتداداً للحريق الأول) .
مثلث النار وهو الحرارة والوقود والأكسجين. وكذلك مثلث الوباء هو الفيروس والناس والإهمال. وحين تبدأ الموجة الأولى تبدأ كما نقول نحن العرب "من مُسْتَصغَر الشرر"؛ عدد قليل من الأشخاص المصابين يتحركون بين الناس غير مدركين لأنهم مرضى أو حتى ممن يعانون أعراض بسيطة .
لو قلنا أن عددهم مثلاً 10 أشخاص وأن كل منهم يتعامل مع 5 أشخاص جدد كل يوم، فبعد يوم واحد سيكونون 60، وبعد يوم آخر سيكونون 360 وفي اليوم الثالث سيكونون 2160 وهكذا. وحين يبدأ الناس بالانتباه فيقوموا بتقليل الوقود (بالمكوث في المنازل)
وكذلك تقليل الأكسجين (بالتطهير الدائم واستخدام الكمامة) تبدأ النار تلقائياً بالانحسار حتى مع بقاء الحرارة. الحرارة وهي الفيروس الكامن في أجساد بعض المصابين بدون أعراض أو بأعراض ضئيلة للغاية والذي ينتقل منهم إلى غيرهم ولكن بفعل التطهير والكمامات ينتقل بحِمْل منخفض (إذا انتقل) .
هذه الحالة (في غياب اللقاح) تجعل الحريق يبدو كما لو أنه يختفي لكن تبقى النار تحت الرماد، في انتظار الأكسجين والوقود. بمجرد اطمئنان الناس (الذين حتماً سيطمئنون) وبمجرد تخليهم عن إجراءات الحماية الشخصية (لظنهم أن كل شيء قد انتهى) تجد النار المختفيه تحت الرماد فرصة للعودة، ولكن....
بداية الحريق الأول كان مصدرها محدد وضئيل ، أما النار المنتشرة تحت الرماد فهي موزعة جغرافياً وعدد مسببيها سيكون أكبر. (وهو السبب رياضياً لكون الموجة الثانية أكبر دائماً من الأولى) كم مدينة فيها أعداد كبيرة من المصابين الصامتين؟ وكم عددهم إذا أجبت عن هذه الأسئلة تستطيع تصور الآتي :
فإذا كان 10 أشخاص في 3 أيام وصلوا 2160، فكم سيصل 5000 آلاف شخص في 3 أيام ؟؟ لاحظ أنك لن تتعرف على كل من يحمل العدوى ولاحظ أيضاً أن حتى من ستتعرف عليهم بسبب ظهور الأعراض، لن تتعرف عليهم إلا بعد 8 أيام (في المتوسط) من إصابتهم
وبالتالي فإن الموجة الثانية ليست هجمة سيسببها الفيروس بشكل انتقامي من البشر، إنها ببساطة نتيجة فقط لسلوك بشري يرفض الالتزام بما يقيده أو يغير ما اعتاد عليه من سلوكيات ونمط حياة. ومع انحسار الخوف وتغير السلوكيات تجد النار المختفية خلف الرماد فرصة ثانية
وفي فرصتها الثانية بشكل طبيعي جداً من الناحية الرياضية ستكون الأعداد (غالباً) أكبر وسيكون الانتشار (غالباً) أوسع. وظهور الموجة الثانية لا يتحمله فقط الأشخاص بل وإدارات الدول. فالتهاون في تطبيق القوانين التي تجبر الناس على الالتزام بإجراءات السلامة الصحية تفتح المجال للتهاون
حفظ الله الجميع ، وسوف أعرض في سلسلة منفصلة الحالات القليلة جداً في العالم التي تمثل بداية مؤشرات قوية للموجة الثانية
تعليقات
إرسال تعليق